لم يكن غريباً أن يطلق مدرب سبورتينغ لشبونة السابق الفرنسي لازلو بولوني لقب "موستانغ" على الجناح الدولي البرتغالي ريكاردو كواريسما، إذ عندما ينطلق هذا اللاعب بالكرة تشعر وكأنه يسير بسرعة "الحصان الجامح" لدرجة أنه يصعب على المدافعين وقفه بالطرق القانونية.
وفي الوقت الذي يفتقد فيه المنتخب البرتغالي إلى هداف كبير يمكنه اصطياد الأهداف من مختلف الزوايا الصعبة، يأتي كواريسما بأهدافه الخيالية للتعويض، وهو يكمل في الوقت عينه عصبة لاعبي الأجنحة الاستثنائيين في تشكيلة المدرب لويز سكولاري حيث سيضطلع في كأس أمم أوروبا المقبلة، بمهمة إشعال الأروقة مع زملائه سيماو سابروسا وكريستيانو رونالدو وناني.
ومع سرد هذه الأسماء يبدو جلياً أن المنتخب البرتغالي يملك ميزة لن تكون موجودة بالتأكيد عند المنتخبات الأخرى، ولهذا السبب صرح سكولاري بأنه لن يكون مستبعداً لعبه من دون مهاجم صرف، إذ قد يسند هذا الدور المتقدم إلى رونالدو الذي سيحظى بمؤازرة زملائه السريعين في تشكيلة قوامها 4-3-3.
صقل كواريسما مواهبه على ملاعب كرة القدم الصغيرة (ميني فوتبول) حيث اكتسب مهارة كروية في شوارع "الكانتارا" أوصلته إلى نادي سبورتينغ لشبونة المعروف بعينه الثاقبة لجذب المواهب الناشئة.
ولم يتأخر بولوني عن إطلاقه في الدرجة الأولى موسم 2001-2002 في الـ"سوبر كلاسيكو" أمام الغريم بورتو، فقدم كواريسما أداء جيداً في المباريات اللاحقة بسط فيه موهبته وجرأته أمام جماهير العاصمة لشبونة.
أحرز "ريكاردو اندراده كواريسما برناردو" الـ"دوبرادينيا" أي لقبي الدوري والكأس، ورافق في الموسم التالي الصعود الصاروخي لكريستيانو رونالدو، لكن المدرب بولوني لم يعتبرهما متكاملين على أرض الملعب.
وفي ظل رزوح سبورتينغ تحت ثقل الديون، وضب كواريسما أمتعته ورحيله إلى برشلونة الإسباني، وهناك لم يتأقلم الـ"تسيغانو" (نظراً لجذوره الغجرية) في كاتالونيا وبقي احتياطياً، فانتظر قدوم مواطنه ديكو إلى النادي الكاتالوني ليأخذ مكانه في صفوف بطل البرتغال حيث تفجرت موهبته على أرض "استاديو دو دراغاو" الجديد، لكن المفاجأة كانت قرار سكولاري بعدم ضمه إلى تشكيلة المنتخب المشارك في مونديال 2006، ما أحدث زوبعة انتقادات داخل البلاد.
بعد المونديال أصبح كواريسما من ركائز الـ"سيليساو" ووصل إلى قمة مستواه، وتلازم اسمه مع حركة الـ"تريفيلا" أي التسديدة التي يقوم بها من الجهة الخارجية لحذائه، مسجلاً أهدافاً مبهرة صنفت من الأفضل في الموسم الحالي.
ويشبه النقاد اليوم كواريسما بمواطنه رونالدو، وخصوصاً ناحية السرعة في الانطلاق وإرهاق المدافعين خلال المباريات، إلى المهارات في المراوغة التي تثير غضب المدافعين في أحيان كثيرة فيعمدون إلى الخشونة.
السؤال الذي يطرح في القارة العجوز عند ذكر اسم كواريسما هو عن حجم الخطأ الذي ارتكبه برشلونة عبر الاستغناء عنه، وخصوصاً أن الغريم ريال مدريد يضع عينه لاستقطابه في الصيف الحالي ليخوض تجربة أخرى في الكرة الإسبانية بعدما عاكسه الحظ وحسابات مدرب "البرسا" فرانك رايكارد الخاطئة في مرحلة أولى، ما دفعه إلى رفض اللعب مع النادي مجددا طالما بقي الهولندي على رأس الإدارة الفنية.
إلا أن ريال مدريد لا يقف وحيداً في صف المهتمين لأن الأنباء كلها تشير إلى إمكان دخوله في صراع مع آرسنال وليفربول الانكليزيين وليون الفرنسي وبايرن ميونيخ الألماني والقطب الآخر في العاصمة الإسبانية اتلتيكو مدريد الساعي إلى إضافته لتشكيلته حيث يتواجد مواطنه سيماو أصلا.
كأس أوروبا ستكون من دون شك نقطة مفصلية في مسيرة هذا النجم الصاعد، إذ يأمل البرتغاليون رؤيته يرفع كأساً قارية جديدة بعد تلك التي أحرزها مع منتخب الناشئين (دون 17 عاماً) عام 2000 قبل أن يسجل بدايته مع المنتخب الأول في مباراة ودية أمام بوليفيا عام 2003 ويغيب في السنة التالية عن التشكيلة التي بلغت المباراة النهائية للبطولة القارية بسبب الإصابة.
الثأر لنفسه دون سواه سيكون هدف "البرتغالي الطائر" في "يورو 2008" التي ستشكل المحطة الأهم بالنسبة له على الساحة الدولية، متناسياً لعنة الإصابة التي أبعدته عن النسخة الماضية والقرار "الجنوني" لسكولاري عشية مونديال ألمانيا.